تبقى العسكرة عاملًا رئيسيًا -غالبًا ما يجري التغاضي عنه- في الانهيار البيئي، وبينما تتعرض القطاعات المدنية على نحو متزايد للمحاسبة بسبب انبعاثات الكربون، تُستثنى العمليات العسكرية -رغم بصمتها البيئية الضخمة- إلى حد كبير من الاتفاقيات المناخية الدولية ليسمح هذا الاستثناء باستمرار دوائر استخراج الموارد والعنف والتدمير البيئي دون رادع. ولا يظهر هذا التقاطع بصورة أوضح مما هو عليه الحال في غزة، حيث فاقمت العمليات العسكرية الإسرائيلية عقودًا من الضغط البيئي. فبالإضافة إلى التكلفة الإنسانية الهائلة، أدى استهداف أنظمة المياه، وبنية الطاقة التحتية، والأراضي الزراعية، والنظم البيئية البحرية إلى خلق أزمة بيئية شديدة وطويلة الأمد.
إن الأثر البيئي للحرب في غزة صارخ، إذ أدى قصف المراكز الحضرية، واستهداف منشآت تحلية المياه والصرف الصحي، وتدمير المناطق الزراعية إلى أزمة متعددة الطبقات. أصبح تلوث الهواء والماء والتربة نتيجة وسلاحًا في الوقت نفسه ضمن هذا النزاع –الأمر الذي قوّض النظم البيئية المحلية وأضعف قدرة المجتمعات على البقاء، وتعكس هذه الآثار نمطًا عالميًا أوسع: فعلى الرغم من الأدلة العلمية المثبتة، ما تزال عواقب الحروب البيئية مستثناة منهجيًا من تقارير المناخ الدولية. وغالبًا ما تُصنّف الانبعاثات العسكرية تحت فئة الأمن القومي، الأمر الذي يسمح للحكومات بتوسيع العمليات دون أن تترتب عليها أي مسؤولية بيئية.
يحاجج هذا التقرير بأن التقدم نحو عدالة مناخية حقيقية -خاصة في المناطق المتأثرة بالصراعات مثل غزة- يتطلب التعامل مع العسكرة باعتبارها محركًا مركزيًا في الانهيار البيئي. ومن دون مواجهة التكلفة البيئية للحروب، ستظل الجهود المناخية العالمية تعاني النقص والتفاوت.