خبر
التحولات العربية

المجتمع المدني في مرحلة انتقالية: التمويل، التعليمات، والحوكمة الرقمية في الأردن

في ظل التغيرات القانونية والتقنية التي تفرض واقعاً جديداً على آليات عمل منظمات المجتمع المدني، عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، الاثنين 23 حزيران/يونيو2025، جلسة تشاورية لأعضاء التحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية “جوناف”، لمناقشة أبرز المستجدات التنظيمية والتقنية التي تواجه المنظمات في الأردن.

وتأتي الجلسة ضمن مشروع “نحو المستقبل: استكشاف الفرص المحلية المستدامة”، الممول من البرنامج الأوروبي للتنمية والحماية لدعم الأردن ولبنان، وحملت عنوان “المجتمع المدني في مرحلة انتقالية: التمويل، التعليمات، والحوكمة الرقمية في الأردن”، حيث شارك فيها نخبة من ممثلي منظمات المجتمع المدني، وخبراء قانونيين وتقنيين، لبحث التشريعات الجديدة، وأنظمة التسجيل، والتحديات التمويلية.

يشار في هذا الصدد، إلى أن تحالف (جوناف) يعمل بشكل مستمر على متابعة المستجدات ومواكبته التغيرات لتعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني في الشأن العام، والاستجابة لاحتياجات الأعضاء والتفاعل مع الظروف المستجدة من حوله.

وبشأن الرقمنة والتعليمات الجديدة وتأثيرها على عمل المنظمات، أشارت لينا هلسة، مديرة مشروع في منظمة النهضة (أرض)، إلى تعدد المحاور التي أصبحت تؤثر في عمل منظمات المجتمع المدني، من أبرزها التغيرات في السياسات العامة والتعليمات التنظيمية، مؤكدة على أهمية تكيّف المنظمات مع التحولات الرقمية، وبناء علاقات شفافة وفاعلة مع الجهات المانحة والحكومية. كما بينت أهمية أتمتة عمل الجمعيات في ضمان استمرار الحوار ودعم مبادئ الشفافية والمساءلة وتعزيز الشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.

وحول الإجراءات القانونية والتحديثات التي تؤثر على عمل الجمعيات، استعرض المستشار القانوني في منظمة النهضة (أرض) رامي قويدر، أبرز التشريعات المتعلقة بنظام الفوترة الإلكتروني الصادر حديثاً عن دائرة ضريبة الدخل، والذي يلزم على جميع المؤسسات الالتزام بإصدار فواتير رسمية من النظام. كما أشار إلى متطلبات جديدة تفرضها بعض البنوك، كتحديث بيانات أعضاء الهيئات الإدارية بشكل دوري وتقديم وثائق إضافية، ما يزيد العبء الإداري على الجمعيات.

وفيما يتعلف بنتائج استبيان أجرته منظمة النهضة (أرض) حول الرقمنة والتمويل، قدمت مديرة البرامج في المنظمة ومنسقة تحالف (جوناف)، زينب الخليل، نتائج استبيان تشاركي نفّذه التحالف بمشاركة31 منظمة، بهدف تقييم مدى استجابة هذه المنظمات للمتطلبات الرقمية والإجرائية الجديدة، حيث أظهرت النتائج أن17 منظمة فقط سجلت في نظام الفوترة، و22 منظمة بدأت بإصدار فواتير، فيما تمكنت 26 منظمة من التسجيل في منصة “تكامل”.

ولفتت الخليل إلى أن إجراءات الحصول على الموافقات عبر منصة “تكامل” أصبحت أكثر يسراً وتنظيماً، مشيدة بالفوائد التي توفرها المنصة من حيث سرعة الإنجاز، وتنظيم عملية تقديم الطلبات، والأرشفة الكاملة للمعلومات والموافقات المطلوبة، ما يُسرع من الحصول على الردود الرسمية ويوفر وصولاً أسرع إلى مختلف الجهات.

من جانبه، استعرض الباحث خالد جمعة، في مركز النهضة الاستراتيجي التابع لمنظمة النهضة (أرض)، أبرز التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني في ظل التحول الرقمي، وهي ضعف البنية التحتية الرقمية لديها، وغياب الكوادر المؤهلة لاستخدام المنصات الجديدة، مما يشكلان عائقاً كبيرًا أمام الامتثال للتعليمات. كما شدد على ضرورة توفير بيانات دقيقة، وتدريب العاملين، وتطوير المشاريع بما يتوافق مع احتياجات المجتمعات المحلية.

في ذات السياق، لفت المشاركون في الجلسة إلى أن عدداً من المنظمات لا تزال تواجه صعوبة في التسجيل على منصة “تكامل”، وخاصة الائتلافات الصغيرة، بسبب غياب التعليمات الواضحة أو الدعم الفني اللازم، فضلاً عن الإرباك الناتج عن ازدواجية التعامل ما بين الفواتير الصادرة عن نظام الفوترة ولديه سندات قبض رسيمة سارية المفعول، إضافة إلى التحديات التمويلية الناتجة عن قلة التمويل، وغياب آليات تقديم الدعم.

ختاماً؛ أوصى المشاركون على ضرورة تطوير لغة حوار جديدة بين منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية، وتوفير دعم فني وتقني لتسهيل استخدام المنصات الرقمية مثل “الفوترة” و”تكامل”، وتعزيز التنسيق والتشاركية بين الجهات المانحة والمنظمات المحلية، وأيضاً، مراجعة السياسات الحالية لضمان شمولية وعدالة التمويل، وصولاً إلى بناء القدرات الرقمية للعاملين في منظمات المجتمع المدني.

مواضيع ذات صلة