ضمن فعاليات إحياء الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، أطلقت الخبيرة القانونية المستقلة والعضو المنتسب في مركز دراسات فلسطين في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، الدكتورة لينا الملك، كتابها الجديد “أمة مسلوبة: حق اللاجئين الفلسطينيين في التعويض”، يوم الإثنين 5 أيار/ مايو 2025، وأدارت فعالية الإطلاق هذا الباحثة السياسية ومنسقة مركز النهضة الاستراتيجي التابع لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، الدكتورة مريم أبو سمرة.
وقدمت الخبيرة د. الملك، خلال إطلاق الكتاب الذي حضره طلاب جامعات وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية تحليلًا قانونيًا تناول الحق في جبر الضرر بموجب القانون الدولي، وذلك فيما يتعلق بتدمير الممتلكات الفلسطينية ومصادرتها خلال النكبة.
وبوصفها ابنة لاجئين فلسطينيين ناجين من النكبة، فقد سعت د. الملك إلى إحياء قضية اللاجئين الفلسطينيين، فأشارت إلى أنه من النادر بمكان أن يتطرق الباحثون ووسائل الإعلام والسياسيون إلى هذه القضية. وأكدت على ضرورة استخدام القانون الدولي كأداة مناصرة، وأن من شأن التعويضات إذا ما تم تفعيلها أن تردع الدول عن الانخراط في التهجير القسري، فالنكبة ليست حدثًا تاريخيًا مغلقًا، بل هي مستمرة ومتجذرة في نظام هيمنة واستعمار معقد.
بدورها، قالت أبو سمرة إن “هذه فعاليتنا الأولى ضمن إطار أنشطة النكبة التي نُنظّمها سنويًا.. ويأتي هذا الكتاب في لحظة بالغة الأهمية، فنحن نعيش هذه المرحلة التاريخية، إذ نشهد، بالإضافة إلى كل ما نراه، التفكك الكامل لأي إطار أو مؤسسة دولية كان من المفترض بها توفير قدر من العدالة أو الحماية للفلسطينيين، بما يعني اللاجئين الفلسطينيين في هذه الحالة تحديدًا”، مُقرّة في ذات السياق “بوحشية الإبادة الجماعية المُستمرة”.
وبيّنت أبو سمرة أن الكتاب يقدم تحليلًا يتناول قوانين الملكية التي تعود إلى عهد الإمبراطورية العثمانية -بما يشمل قانون الأراضي العثماني والانتداب البريطاني- وكيف استخدم الاحتلال الإسرائيلي هذا القانون كذريعة لإضفاء صفة قانونية على مصادرتها الدائمة لممتلكات اللاجئين الفلسطينيين. وتابعت “بأن دولة الاحتلال استغلت عدة قوانين مثل قانون أملاك الغائبين لنزع ملكية اللاجئين الفلسطينيين، والمواطنين الفلسطينيين في دولة الاحتلال الإسرائيلي كذلك، فخلقت وضعَا قانونيًا وهميًا لـ”الغائبين الحاضرين” -أي أولئك الفلسطينيين ممن تعتبرهم غائبين قانونيًا فيما هم موجودون بالفعل داخل الدولة”. وفي تأكيدها على أن القوانين المعمول بها قد أدت إلى مصادرة الممتلكات الفلسطينية على نحو غير قانوني، دعت د. الملك إلى اتباع نهج قائم على الحقوق يمكّن اللاجئين الفلسطينيين من المطالبة بحقوقهم في الاسترداد والتعويض، أو كليهما، ذلك أن هذه الحقوق لا تتعارض مع بعضها.
وأشارت د. أبو سمرة إلى أن في مقدور هذا القانون –مثله في ذلك مثل أي إطار عمل آخر- أن يكون أداةً للقوة والاستعمار، وهنا، تتبنى د. الملك منظورًا مناهضًا للاستعمار، فتحاجج بأنه يمكن، بل ينبغي، استخدام القانون استراتيجيًا للدفاع عن فلسطين، ذلك أنه “وسيلة قانونية يمكن استغلالها لتحقيق استراتيجية قوية وفعالة”، مؤكدة على الحاجة إلى استراتيجيات جديدة في هذا الصدد. وبدافع من الوعي القائل بأن من غير المرجح أن تحقق نماذج تحاكي حركة تعويض ضحايا الهولوكوست نجاحًا ضمن هذا السياق، تقترح د. الملك في كتابها اتخاذ إجراءات قانونية ضد جهات مثل الصندوق القومي اليهودي أو شركة أنظمة إلبيت بوصفها وسائل أكثر فعالية. ورغم جميع العقبات، فذلك لا يمنعها من الإصرار على كون هذه الجهود جديرة بالمتابعة، إذ باستطاعة الضغط المستمر على الحكومات والشركات أن يثمر عن نتائج ملموسة.
ختامًا؛ أكدت د. الملك على ضرورة النظر إلى الأحداث الجارية اليوم على أنها جزء من سلسلة متواصلة بدأت قبل أكثر من مئة عام باستعمار فلسطين، قائلة بأن “هذه هي النكبة المستمرة، ومن المستحيل تصور أي حل دائم لهذا النضال المتواصل من أجل التحرير دون معالجة السبب الجذري له- ألا وهو سلب وطن”.