خبر
تمكين المرأة والشباب

المرأة في القيادة المالية: قرارات اعتيادية تصنع تأثيراً استثنائياً

في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى قيادات اقتصادية قادرة على إحداث التغيير، تؤكد النساء مجدداً أن التأثير لا يصنعه الاستثناء بل الاستمرارية والوعي. ومن هذا المنطلق، عقد مركز النهضة الاستراتيجي التابع لمنظمة النهضة (أرض)، بالشراكة مع شبكة نساء النهضة، جلسة حوارية بعنوان “خيارات اعتيادية لتأثير استثنائي: المرأة في القيادة المالية”، يوم الثلاثاء 7 تشرين الأول/أكتوبر 2025، وذلك لتعزيز الوعي والثقافة المالية ودعم حضور النساء في مواقع القيادة الاقتصادية.

وخلال الجلسة، التي شاركت فيها وزيرة الاستثمار السابقة خلود السقاف، والخبير الاقتصادي الدكتور عدلي قندح، إلى جانب نخبة من المختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي وتمكين المرأة، وأدارتها الدكتورة سوسن المجالي، جرى تسليط الضوء على أهمية تمكين المرأة في مجالات الإدارة المالية وريادة الأعمال، ودورها المتنامي في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.

وأكدت الدكتورة المجالي أن الدول التي تشهد حضوراً أكبر للمرأة في مواقع القيادة – مثل البحرين والإمارات وقطر – تحقق أيضاً مستويات أعلى من الشمول المالي، حيث تشغل النساء نحو 30% من المناصب القيادية على مستوى العالم.

من جانبه، أكد الدكتور عدلي قندح على أهمية تعزيز الثقافة المالية منذ سن مبكرة، موضحاً أن الأردن بدأ فعلياً منذ عام 2015 بتضمين الثقافة المالية في المناهج الدراسية، من الصف السابع وحتى الثاني عشر، بالتعاون مع البنك المركزي ووزارة التربية والتعليم، بهدف بناء معرفة مالية قائمة على العلم والمهارة والسلوك المسؤول.

وأضاف أن المعرفة المالية يجب أن تكون علمية ومبنية على المهارة والسلوك، مشيراً إلى أن الجيل الجديد يجب أن يتمتع بوعي مالي مستقل. ولفت إلى أن الدراسات الحديثة تؤكد أن النساء غالباً ما يحققن أداءً أفضل في إدارة الشركات، لما يتمتعن به من دقة وتنظيم في التخطيط المالي واتخاذ القرار.

أما معالي خلود السقاف، فأكدت أن إدخال الثقافة المالية في المناهج التعليمية يُعد من أهم الخطوات التي اتخذها الأردن، مبينةً أن هناك تحديات مستمرة في الإدارة المالية العامة، وأن المرأة تشكل نحو 83% من العاملين في القطاع المصرفي، إلى جانب حضور بارز في القطاعين الصحي والتعليمي.

وأوضحت السقاف أن محدودية وصول المرأة إلى المناصب القيادية تعود إلى مجموعة من الأسباب، منها ما يرتبط بالمرأة نفسها، ومنها ما يتصل بالمجتمع والصور النمطية والعادات والتقاليد، إضافة إلى غياب البرامج المتخصصة لتأهيل القيادات النسائية.

وفي ردها على تساؤل حول أبرز عوامل نجاحها، بينت معالي السقاف أنها “لم تصل إلى منصب رئيسة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي ووزيرة للاستثمار مصادفة؛ فهي من السيدات اللاتي يضعن أهدافهن نصب أعينهن ويسعين إلى تحقيقها بثبات واقتدار، حيث تعد من القلائل في الأردن والعالم العربي ممن ربطتهن علاقة متميزة بعالم الأرقام والاقتصاد، متنقلة  بين مناصب رفيعة كان أبرزها نائب محافظ البنك المركزي الأردني، كأول امرأة في المنطقة العربية تشغل هذا المنصب. وقد شكلت القيم التي تربت عليها – بأن قيمة الإنسان بما يقدمه لا بما يملكه – دافعاً لها لتجاوز التحديات وتحقيق طموحها في قيادة أهم المؤسسات المالية الوطنية.

وفي مداخلة لها، أكدت سمر محارب، المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة (أرض)، أن عنوان الجلسة “خيارات اعتيادية لتأثير استثنائي” يعكس واقع الإدارة المالية في الحياة اليومية للنساء، حيث تُمارس القيادة المالية في تفاصيل الحياة البسيطة، مشيرةً إلى أهمية دور المجتمع المدني واللجان المحلية والمؤسسات الرسمية في نشر الوعي المالي، وتمكين النساء من نقل هذه الثقافة إلى أطفالهن بما يعزز الاستدامة المالية على المدى الطويل.

ختاماً، خلص المشاركون إلى جملة من التوصيات، أبرزها: تطوير القطاع العام وبناء قدرات النساء والرجال على حد سواء للوصول إلى المناصب القيادية، والاستثمار في قدرات المرأة وتمكينها في المجالات المالية والاقتصادية، وإبراز قصص النجاح النسائية ودعم الممارسة الرقابية لتعزيز الشفافية، إضافة إلى بناء شبكات مهنية داعمة للنساء، وتطوير دراسات تُسلّط الضوء على الفجوات والتحديات والفرص المستقبلية في القيادة المالية.

مواضيع ذات صلة