في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأردن والمنطقة ككل، يبرز موضوع “الشباب محرك التغيير” كأحد أهم الحلول المطروحة لتجاوز الأزمات الراهنة وبناء مستقبل أفضل، فالمرحلة القادمة تتطلب تغييرًا جذريًا في النهج والرؤية والأساليب، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الاعتماد على جيل جديد من القادة والمفكرين في مختلف المجالات، للوصول إلى مستقبل افضل.
هذا التطلع بالذات، أجمع عليه الشباب المشاركون في الجلسة الأولى لعام 2025 من مختبر سياسات المشاركة الشبابية، ضمن إطار مشروع “جيل جديد” التي عقدتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) الاثنين 12 أيار/مايو، تحت عنوان: “تصوّر التغيير: تطلعات ورؤى الشباب الأردني لمستقبل أفضل”، وتحدث فيها الباحث والكاتب الأنثروبولوجي الدكتور كمال ميرزا، الحاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، ودرجتي ماجستير في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والإعلام الحديث.
ويأتي مختبر السياسات الذي تنفذه النهضة العربية (أرض)، بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ضمن مشروع جيل جديد؛ لتعزيز مفاهيم المشاركة المدنية والسياسية لدى طلبة كليات العلوم السياسية والحقوق في الجامعة الأردنية، وإكسابهم خبرة عملية تساعد في توسيع آفاق أعمالهم بالمستقبل، وتعريفهم بالخبراء والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال، وأيضاً لمساعدتهم بإيصال أصواتهم لرسم السياسات والتواصل الإيجابي الفعال مع صانعي القرار.
وحول أدوار الشباب في التغيير الاجتماعي، وسبل إشراكهم في صناعة السياسات، قال ميرزا ”
“الشباب ليسوا فقط أمل المستقبل، بل هم طاقة الحاضر، وما نحتاجه هو أن نمنحهم الأدوات والفرص الحقيقية لصنع التغيير، لا أن نثقلهم بالوعود الفارغة”، مشيراً إلى أن التغيير لا يحدث صدفة، بل يحتاج إلى وعي نقدي متجدد.
وأضاف: “أهم ما يمكن أن نقدمه للشباب هو تدريبهم على التحليل والفهم العميق لواقعهم، وليس فقط دفعهم إلى المطالبة بالتغيير”، مؤكداً على أهمية إعادة النظر في طريقة إشراك الشباب في الحياة العامة والسياسية: “نحن بحاجة إلى منصات تُدار من الشباب ولهم، لا أن نكتفي بإشراكهم في إطار شكلي دون تأثير فعلي على أرض الواقع”.
ونصح ميرزا، الشباب، بأن يمتلكوا الحد الأدنى من المعرفة المتخصصة بمفهوم التغيير الاجتماعي، وذلك من خلال القراءة والاشتباك مع الواقع الذي نعيشه، خصوصاً أن المطالعة بعمق تعطينا مفاتيح جديدة لفهم ما يدور من حولنا.. وإذا أردنا أن نحدث تغييراً في المجتمع فيجب أن نركز على ثقافتنا”.
ورأى أنه “لا يمكن الحديث عن مستقبل أفضل دون الاستماع بعمق إلى الشباب أنفسهم، فهم ليسوا فقط حملة آمال، بل شركاء فاعلون في صياغة التغيير وصناعة السياسات”، مشدداً على ضرورة إعادة التفكير في العلاقة بين الشباب ومؤسسات صنع القرار والتغيير، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم كمؤثرين.
في ذات الإطار، شهدت الجلسة تفاعلاً واسعاً من المشاركين الشباب الذين طرحوا رؤاهم حول التحديات التي تواجههم، بدءاً من فرص التعليم ، وصولاً إلى قضايا المشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية، مؤكدين على حاجتهم إلى سياسات أكثر شمولاً لتفعيل دورهم في صنع القرار.
وقالوا “نحتاج إلى مساحات نعبر فيها عن أفكارنا بحرية، ومثل هذه اللقاءات تمنحنا الشعور بأن صوتنا مسموع وأن التغيير ممكن إن توفرت الإرادة والفرصة”.
ختاماً، خرج الشباب بطروحات ورؤى عديدة خلال المختبر، ابتداءً من أن تحقيق التغيير يتطلب تضافر جهود جميع الجهات، فالتغيير الحقيقي لا يأتي من فوق فحسب، بل هو نتاج عمل جماعي ورؤية مشتركة لمستقبل أفضل. وكذلك من الضروري تبني سياسات تشاركية، وتشجيع الابتكار، وتعزيز الشفافية والمساءلة العامة، لكي ليكون الشباب جزءاً أساسياً من الحلول وليس مجرد متلقين للتحديات، مما يعزز من فرصهم في بناء مستقبل أفضل وأكثر استقراراً.